بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة حب
الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ، وأصلي وأسلم علي خاتم الأنبياء والمرسلين ورحمة الله للعالمين ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، ثم أما بعد ....
فإلي التائهين .. إلي الحائرين .. إلي من في ظلمات المعاصي يتخبطون .. وغي عودة صادقة إلي الله يرغبون .. إلي من سئموا البعد عن الله .. إلي من ملوا المعاصي وكرهوا الحياة .. إلي كل شاب وفتاة يؤمن بالله ...
أخي .. أعطني قلبك لا تقرأ هذه الورقة بعينك ، ولكن أقرئها بقلبك .. تعال معي .. غب قليلاً عن هذا الواقع الأليم .. وهيا معي إلي بحار النجاة .. وينابيع الرحمة ..
· من فضلك أقرأ هذه الورقة بمفردك في منأى عن الناس ، ويا حبذا لو كنت متوضئاً .
أخي .. تالله إني لك ناصح .. لك محب .. عليك شفيق .. إني قلبي ليتقطع حسرة عندما أتذكر أنك ستموت وتترك الدنيا وحينها لن ينفعك ما أنت فيه وستندم عليه وتتمنى يوماً تعود فيه إلي الدنيا لتسبح ولو تسبيحة .) حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلي يوم يبعثون (
أتألم عندما أتذكر أنك ستبقى في قبرك وحيداً فريداً ولن يؤنسك إلا عملك الصالح . أحزن عندما أتذكر عذاب القبر وما سينالك منه بسبب بعدك عن طريق الله .احزن عندما أتذكر يوم القيامة وهول الموقف ، ووقوفك بين يدي الله ليحاسبك ، ومناقشته إياك ، وسؤاله إياك عن نعمه وماذا عملت فيها، فماذا ستقول حينها ؟
تذكر هذا جيداً أخي ، تذكر الجنة وما أعد الله فيها للطائعين .. وتذكر النار وما أعد الله فيها للعاصين .. تذكر ذلك جيداً وعشه بقلبك .. واسأل نفسك .. إلي متى هذه الغفلة ؟ ... إلي متى ذلك البعد عن الله ؟ .. إن قامت القيامة فأين سأكون ؟ أفي الجنة أنعم أم في النار أعذب ؟ .. لماذا لا أعود إلي الله ، وأرجع إليه؟!
* لهذا وغيره أخي الحبيب كان لابد من التوبة ، ومن ثم قال العلماء بوجوبها ، ولذا أحب الله التوابين ، لأنهم لا ينسون ربهم أبداً ، لا ينسون ذنوبهم أبداً .. ألا تريد أن يحبك الله ؟
* اعلم أخي أن السعادة كل السعادة في طاعة الله والعودة إليه ، فهذا العاصي يكفي أنه قد فقد رعاية الله عز وجل وحفظه وحبه ، " ومن فقد الله فماذا وجد " واستمع إلي هؤلاء ..
* يقول شاب هداه الله : " أوجهها نصيحة خالصة لجميع الشباب فأقول : يا شباب الإسلام لن تجدوا السعادة في السفر ولا في المخدرات ولا التفحيط .. لن تجدوها أو تشموا رائحتها إلا في الالتزام والاستقامة .
* وتقول طالبة تائبة : " كما أتوجه إلي كل أخت غافلة عن ذكر الله .. منغمسة في ملذات الدنيا وشهواتها أن عودي إلي الله – أُخيَّه – فوالله إن السعادة كل السعادة في طاعة الله " .
* واستمع إلي إبراهيم بن أدهم يصف سعادته في ظلال طاعة الله : " والله إنَّا لفي سعادة لو علمها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف "
فأفق أخي من غفلتك قبل أن يُقال : " لقد كنت في غفلة من هذا " .
وربما يقول البعض : " الحمد لله أنا أصلي وأصوم وأفعل من الخير الكثير " فلهذا وأمثاله أقول إن الله قال : " وتوبوا إلي الله جميعاً أيها المؤمنون " ولم يقل العاصون أو الكافرون ، وهذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .. يُعَدُ له في المجلس الواحد أكثر من مائه مرة : ) رب اغفر لي وتب عليَّ إنك أنت التواب الغفور " .
وأنت تقول لست في حاجة إلي التوبة ؟ .. وذنوبك و مزجت بماء البحر لمزجته .
* إن مشكلتنا الأزلية الرضا عن النفس ، فتجد الشباب يقول .. أنا بخير أنا أفضل من غيري .. ويقول الله غفور رحيم ، نعم الله غفور رحيم وهو أيضاً جبار منتقم ، ويقول تعالى : " إن رحمة الله قريب من المحسنين " فالرحمة قريبة من أهل الإحسان وأن تأمن مكر الله وترضى عن نفسك هو الداء ، فهذا الصديق – رضي الله عنه – يقول : " والله لا آمن مكر الله ولو إحدى قدمي في الجنة " وإيمانه لو وُزن بإيمان الأمة لرجح ، فما بالنا نحن نفرح بما نفعل مع أنه لا يساوي واحد علي مليون من نعمة من نعم الله علينا . فإياك وحسن الظن بنفسك .
فهيا أخي .. قل بقلبك يارب تب علىَّ ، يارب إني أريد الرجوع إليك فأعني .. يارب سئمت البعد عنك فوفقني .. قلها الآن لا تتأخر ، فربما كانت هذه اللحظة هي سبب دخولك الجنة ، فلحظة واحدة صادقة مع الله عز وجل ، لحظة توبة نصوح نجت قاتل المئه ..لا تسوف ، فربما أتاك الموت الآن .. يقول تعالى : " قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلي ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون ، . واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون أن تقول نفس يا حسرتى علي ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون "
أخي الغالي .. إن لم تكن تأثرت بما سبق .. فالله يقول : " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق " سمعها الصحابة فبكوا وقالوا : بلى يارب .. وسمعها من بعدهم فعادوا إلي الله وتابوا .. فماذا أنت صانع ؟ أتعرض عن نداء الله الرقيق الحاني لك ؟أم تستجيب لله ؟ وهو القائل : " استجيبوا لربكم " أتمنى أن تكون الثاني .
وكما قدمت فلأني أحبك ، وأحرص علي أن ينقذني الله بك من النار ويدخلك الجنة ، فثمة أمور لابد وأن تعيها حتى تتوب توبة نصوحاً لا تعود بعدها أبداً ، فالكثير يشكوا من هذا ، يشكوا أنه في فترة الامتحانات مثلا يكون قريباً من الله ثم لا يلبث أن يعود بعدها ، فلهذا وغيره نقول لا تضيع الفرصة التي اقتربت فيها من الله وعض عليها بالنواجذ
والشاعر يقول: إذا هبت رياحك فاغتنمها فإن لكل خافقة سكون
وعليك بالأتي: إذا أردت رجوعاً حميداً إلى الله عز وجل:-
1- لابد أن تعلم أنك بإرادتك التوبة تعود إلى الطريق المستقيم الذي تسأل الله أن يهديك إياه في الصلاة،فكيف تسأل الله إياه وحين يأتيك تعرض عنه وتضيعه ؟!
2- إن التوبة عبادة،والله يقول "وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون" بل إن التوبة هي مفتاح العبادة،والعبادة طريق الجنة،فهل ترغب في تضييع الجنة؟ بالطبع لا..لذا لا تضيع التوبة .
3- إن التوبة امتثال لأمر الله القائل: "وتوبوا "،والله لا يعذب من أطاعه،كما أنك عبد لله،والعبد لا يعصي أمر مولاه .فلما علم الله ما في التوبة من خير لنا أمرنا بها وهو الأعلم بما يصلح لنا .
4- ألا تريد الفلاح في الدنيا،والنجاة في الآخرة؟ فلا تفرط في التوبة،فالله يقول وهو أصدق القائلين: " وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " فالتوبة مفتاح كل خير .
5- أتود أن تعيش تعيساً؟ بالطبع لا...ومن ثم لا تعد في توبتك..فالتوبة مفتاح طاعة الله..وطاعة الله طريق السعادة كما قدمنا..والله يقول: " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً،ونحشره يوم القيامة أعمى" أتريد الحياة في ضنك؟..أتدري لِمَ يُحشر أعمى؟ لأنه جاءه النور فأعرض عنه،ذُكر بالله فما تذكر..ذُكر بالتوبة فأعرض عنها وظل على معاصيه .
6- الكل وخاصة الطلبة..يريد توفيق الله،ويشكو النسيان،ويريد التفوق وحب الناس وسعة الرزق..فإياك والتفريط في التوبة..حتى لا تُحرم كل هذا..فحرمان ما سبق يكون بالذنوب والتوبة تقضي على الذنوب .
7- ألم تشعر يوماً بلذة القرب من الله؟، ألم ترغب يوماً في العودة إليه؟..فإن لم تكن فعلت فتب لتحس بالراحة والسعادة..وإن كنت قد عزمت على التوبة فلا تضيعها كي لا تُحرم من هذه السعادة العظيمة .
8- إن بينك وبين التوبة عشرة حجب،فأزل هذه الحجب لتنعم بتوبة نصوح خالصة
أ- الجهل بالله..وبستره عليك ولو شاء فضحك..وبحلمه عليك ولو شاء خسف بك..وبكرمه عليك ولو شاء ردك إن سألته
ب- البدعة .. فيتوب الرجل ولكنه ينجذب إلى أهل بدع وأهواء فينتقل من هوة إلى هوة أخرى،فتخير رفقائك .
ج- الكبائر الباطنة .. كالكبر والحسد والعجب والرياء..ذلك أن الطريق إلى الله لا تقطع بالأقدام ولكن بالقلوب .
د- حجاب الكبائر الظاهرة .. فلا تقل الحمد لله:ليس عندي كبائر ظاهرة..فبالإصرار تكبر الصغيرة ،وكذا بالتهاون بستر الله عليك وبالمجاهرة بها وبالسرور بها .
هـ- حجاب أهل الصغائر...كلما صغر الذنب في قلبك كلما عظم عند الله والعكس.
و- الشرك ...أن تتوب لأجل الدنيا أو لأنك تريد أن يصفك الناس بالصلاح أو للامتحانات أو لضائقة مرت بك .
ز- الفضلات والتوسع في المباحات ... فلا يزال يتوسع في المباحات حتى تشغله عن الواجبات .
ع- الغفلة عن الله ... ولدفع الغفلة..لابد من ملاحظة نعمة الله عليك في السر والعلن فتكره أن تعصاه..ولابد من معرفة جناية النفس فتحتقر نفسك ولا تظن بها خيرا ..ولابد من معرفة أن العمر يمر، فشمر عن ساعد الجد لتتدارك ما فاتك .
ط- العادات والتقاليد والأعراف ... قال ابن تيمية: " ولا تصح عبوديته ما دام لغير الله فيه بقية " فربما تحول هذه الأمور بينك وبين كثير من السنن والواجبات . فتذكر أن من سيحاسبك هو الله لذا فلا يهمك إلا رضاه وحده . " لا تستوحش من قلة سالكي طريق الهدى ولو كنت وحدك ولا تغتر بكثرة هالكي طريق الضلال " .
ى- الرضا عن النفس والعمل... وهو أعظم حجاب يصد عن الله عز وجل .
* فأصدق الله..وأصدق في اللجأ إليه..لكي يزيل الحجب بينك وبينه..فإنه لا ينسفها إلا الله..إذا كنت تريد توبة صادقة..وإن كنت لا تريد فلا تلومن إلا نفسك . وستندم حين لا ينفع الندم .
9- أعلم أن هناك أربع عوائق بينك وبين التوبة،فاحرص على دفعها حتى تسلم لك توبتك وهي:-
أ- النفس ... واقصد الأمارة بالسوء وتدفع شرها بالإخلاص لله عز وجل، وأن تتوب لوجهه لا لأي غرض أخر .
ب- الشيطان... وتدفع شره بالاستعانة بالله.. " إن كيد الشيطان كان ضعيفاً " .
ج- الهوى ...ويطرد بمخالفة هواك..وأن تجعله تبعا لما جاء به الله،وتسلم للشرع وتنقاد له فلا تترك أمراً شرعياً لأنك لا تحبه ولا تأتي نهياً لأنك لا تقدر على الاستغناء عنه . ومتى انقدت لله عز وجل سددك ووفقك وعصمك من أعدائك .
د- الدنيا... ولا بد من الزهد فيها..وأن تعلم أنه مغبون من يبيع نعيم الآخرة الباقي بمتاع الدنيا الفاني . لتكن الدنيا قنطرة للآخرة لا دار مقام . فالله عز وجل وهو الأعلم بالدنيا يقول " قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى " أتصدق الله ؟
** فما إن تعمل على دفع هذه العوائق حتى يزيدك الله هدى وإيمان " والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم " . فكلما اقتربت من الله كلما اقترب منك واخذ بيدك إلي الجنة . ألا تحلم بالجنة ؟ فالزم طريق الله لتفوز في الدنيا والآخرة .
10- ألزم نفسك الوعظ والتذكير..وقل لنفسك: يا نفس توبي قبل أن تموتي..فإن الموت يأتي فجأة.داوم على سماع الشرائط الدينية وقراءة الكتب وتخول نفسك بالموعظة دائماً وخاصة الموت حتى لا يفسد قلبك وتنطفئ جذوة الهداية في قلبك فتعود من حيث أتيت .
11- ابتعد عن كل أصدقاء السوء،وأصدقاء المعاصي..فلو كان فيه خير لله لكان فيه خيرٌ لك..ولو صان عهد الله لصان عهدك.قال علي بن أبي طالب: " لا تصحب الفاجر فإنه يزين لك فعلك ويود لو أنك مثله" . وشتان بين من يأخذ بيدك إلى الجنة ومن يأخذ بيدك إلى النار..لا شك أنه لا يحبك من يبعدك عن الجنة ويجترك إلى النار .ولا تقل : لا أستطيع أن اترك أصدقائي . فلو جاءك أحدهم ليلة الامتحان وأنت في حاجة لكل دقيقة من أجل المذاكرة لتنصلت منه وربما طردته .هذا من أجل الدنيا فتذكر ذلك جيداً عندما يأتي صديقك ليصحبك لمعصية الله فربما كان الامتحان في اليوم التالي وربما كان بعد لحظات . فاتق الله وأعط آخرتك ولو جزء من عشرة أجزاء مما تعطيه لدنياك .
12 – لابد وأن تعزل نفسك عن مواطن المعصية حتى لا تعود إليها .
13- الزم رفقة صالحة خيرة تعينك على الخير والصلاح .
14- اعلم أن الله سيبتليك ويختبرك ليتأكد من صدق توبتك،فلن يتركك أصدقاء السوء،وستجد معاصي كنت تجري ورائها تجري ورائك بعد التوبة،فأصبر على البلاء حتى تثبت لله صدق توبتك وتنعم بالجنة ونعيمها وهكذا نعيم القرب من الله في الدنيا .
15- أدمن معاتبة نفسك ومحاسبتها على كل صغيرة وكبيرة حتى لا تتسرب الغفلة إلى قلبك وأنت بذلك تريحها لا تتعبها .
16- لا تنل نفسك حظوظها الكثيرة من المباحات حتى لا تطمع في المحرمات .
17- لا تنسى أبداً الآخرة والموت والحساب وأنك ستقف بين يدي الله فيسألك عن الذنوب وأنه كان بمقدورك أن تتوب . فبماذا تجيب ؟
18- حطم ما في داخلك من أصنام..من حب للمعاصي وتعلق بالدنيا ونعيمها الفاني .
19- أعلم أن ما يمنعك من الاستمرار على التوبة تعلق القلب بالذنب وتذكرة الفينة بعد الفينة ومن ثم لابد وأن تنسى الذنب،ثم تكرهه،ثم تهجر أماكن مواقعته،وتهجر من يذكرك
به،وتحاول استشعار لذة الطاعة،وألا تدع لنفسك فراغاً حتى لا تشغلها بالمعاصي،وأن تصدق الندم وتستقبل الذنب،وأن تداوم ذكر الموت وتعود نفسك على فعل الحسنات .
20- إن الكثير من الشباب يستثقل التوبة ويعتقد أن الالتزام صعب ولهذا ولغيره نقول: اصدق مع الله عز وجل وادفع التسويف واستعن بالله وسيعينك الله ويوفقك . إنك تتعب نفسك كثيراً من أجل بضعة جنيهات . ألا تستأهل الجنة منك تعباً ولو بسيطاً في البداية ثم ييسر الله عز وجل لك وتشعر بالسعادة ما إن يعلم صدقك في طلب التوبة ؟
21- الكثير يغتر بأن الله يستره وما زال ينعم عليه،ولهذا وغيره نقول: إن ذلك من الله استدراج حتى إذا أخذك لم يفلتك..يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم- " إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج " قال الألباني إسناده جيد.
ألا تستحي أن تأكل رزقه وتعصيه ؟ ألا تستحي من تقربه إليك بالنعم ومبارزتك إياه بالمعاصي ؟ ألا تخاف أن يسلبك الله هذه النعم ؟
قال الحسن البصري : " اشد الناس صراخاً يوم القيامة من استغل نعمة الله في معصيته".
22- اعلم أخي أن للتوبة أركاناً وشروطاً لابد من المحافظة عليها:
أ- أن تكون التوبة خالصة لوجه الله عز وجل،لا لاقتراب الامتحان أو لأجل أمر من أمور الدنيا .فعلى قدر إخلاصك يكون استمرارك .
ب- أن تقلع عن كل الذنوب والمعاصي .
ج- أن تندم على بعدك عن الله وعلى تفريطك في حق الله وحق نفسك .
د- أن تعزم عزيمة صادقة قوية على عدم العودة.. سلعة الله غالية..تستأهل أن تعزم بصدق على عدم تضييعها .
هـ- خلع العادات..كالنوم الكثير وسماع الأغاني والنوم عن الصلوات وترك الجماعة والنظر إلى الحرام وغيرها الكثير.
ويتم خلع العادات بمعرفة قبح المعصية وأثارها،ومحبة الله ومطالعة نعمه والخوف منه والحياء منه،وأن تثبت شجرة الإيمان في قلبك .
23- واعلم أخي أن للتوبة علل لابد من معالجتها حتى لا تستفحل وتقضي على توبتك منها الطمأنينة والوثوق بالنفس وكأنه قد أعطى منشوراً بالأمان ومنها جمود العين واستمرار الغفلة ومنها انعدام الإخلاص وضعف العزيمة والأخير وهو الأهم ألا يفعل بعد التوبة من أعمال الخير الجديد فيكون حاله بعد التوبة كحاله قبلها.
24- إن للتوبة المقبولة علامات منها: أن يكون بعد التوبة خير مما كان قبلها-وألا يزال الخوف من العودة إلى الذنب بعد أن أقلع عنه يساوره-وألا يزال خائفاً من عقوبة الله في الدنيا والآخرة-وأن يكون كسيراً خاشعاً هادئاً غزير الدمعة دائم السكوت .
25- أخي..إياك إياك والفراغ،فكما قال الشافعي رحمه الله:- " نفسك إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية " فأشغل وقتك بطاعة الله ولا تدع وقتاً بدون عمل حتى لا تتذكر فيه المعصية . واعلم أن الله عز وجل سيحاسبك علي كل نفس ماذا عملت فيه ، فأعد للسؤال جوابا .
26- لابد أن تكثر من أعمال الخير بعد التوبة حتى تدفع المعاصي وتمحها وتجلب غيرها من أعمال الخير ، وإليك بعضا منها :
- الإقلاع عن الذنوب والمعاصي. - الصلوات في جماعة وخاصة الفجر .
- النوافل وخاصة الضحى . - صيام الأثنين والخميس .
- المواظبة على الأذكار . - قيام الليل ولو ركعتين .
- قراءة القرآن ولا سيما حفظه . - قراءة الكتب الدينية وسماع الشرائط .
- الدعوة إلى الله عز وجل . - تعلم العلم الشرعي .
وختاماً . أقول .
معذرة إن كنت قد أطلت عليك،ولكنه الحب،والرغبة الصادقة في أن تعود إلى الله وأن يرضى عنك،فأرجو ألا تلقي هذا الكلام وراء ظهرك وأن تعبأ به جيداً..فوالله ثم والله ثم والله إن فيه سعادة الدنيا والآخرة.وأرجو ألا تنساني بدعوة خالصة من صالح دعائك.
حبيبي الغالي:- إن التوبة شاقة نعم ولكن إذا أقبلت على الله فإنه معينك لا محالة..إذا اعتمدت على حولك وقوتك فلن يكون لك شيء..أما إذا استعنت بحول الله
وقوته أعانك ووفقك..وإنه ليسير على من يسره الله عليه..ولكن المخذول محروم..من يستصعب الأمر هو من يذل عن الصراط المستقيم .
والحمد لله في بدء ومختتم
المشاركات
